محمد كُريم ... شهيد الوطنية أم ضحية الأثرة؟
محمد كُريم
شهيد الوطنية أم ضحية الأَثَرة؟
غير معروف على وجه اليقين تاريخ ميلاد الشهيد بإذن الله
"محمد كريم" لكن على وجه التقريب فإنه من مواليد العقد الأخير من النصف
الأول من القرن الثامن عشر، خاصة وأنه كان قد وصل إلى مكانة عظيمة في مدينة
الإسكندرية ورشيد وبالتأكيد فإن هذه المكانة لن تكون لفتى يافع صغير السن وكذلك
فإن نشاطه وحركته وجهده ضده الحملة الفرنسية لن تكون لشيخ كبير السن، لذا يمكن
القول أن عمر السيد "محمد كريم" عند مجئ الحملة الفرنسية في العقد السادس
من عمره.
ولد "محمد كريم" في حي الأنفوشي بمدينة
الإسكندرية يتيمًا ورباه عمه، وكان في أول حياته قبانيًا يزن البضائع في محل صغير
بالإسكندرية وكان كما يذكر عنه الجبرتي خفيف الحركة يتودد في المعاشرة ولم يزل
يتقرب إلى الناس بحسن التودد ويستجلب خاطر حواشي الدولة وغيرهم من تجار المسلمين
والنصارى ومن له وجاهة وشهرة من أبناء جنسه حتى أحبه الناس واشتهر في الإسكندرية
ورشيد، وأصبحت له الكلمة النافذة في ثغر "ميناء" رشيد وتملكها وضواحيها
واسترق أهلها.
وقد كان انتهاء أمر البلاد إلى كل من مراد بك وإبراهيم
بك بعد وفاة سيدهم محمد بك أبو الذهب خلال الفترة من 1790: 1798 مرحلة الإنطلاق
الكبرى "لمحمد كريم" فقد رفع مراد بك شأنه على أقرانه وقلده أمر الديوان
والجمارك بالإسكندرية ونفذت كلمته وتصدر لغالب الأمور وزاد في المكوس والجمارك
ومصادرات التجار خصوصًا من الإفرنج وكان له حادثة مع شخص يدعى "السيد
شهبة" جعلت السيد شهبه يختفي في صهريج وأخرجوه منه ميتًا.
على كل حال فإن "محمد كريم" تمكن من خلال عمله
أن يصل لمكانة عظيمة في مدينة الإسكندرية حتى أنه عُد أحد حكامها، وهذا ليس حقيقي
لأن الثغور المصرية في ذلك الوقت وهي "الإسكندرية، ورشيد، ودمياط،
والسويس" كان يتم تعيين حكامها من قِبل السلطان العثماني ولم يكن الوالي
القابع في قلعة الجبل بالقاهرة له سلطة كبيرة عليهم، بل كانت تُعد خارج سلطته.
لما نزلت الحملة الفرنسية الإسكندرية في الأول من مايو
عام 1798 كان على "محمد كريم" أن ينهض ليدافع عن وطنه ضد هؤلاء الغزاة
المحتلين، وعلى الرغم من أن عدد سكان المدينة لم يكن يزيد عن ثمانية آلاف نسمة ولم
يكن بها حامية تصد هجوم الجيش الفرنسي فإنه استطاع أن يقود المقاومة الشعبية ضد
الفرنسيين، واعتصم بقلعة قايتباي ومن معه من أفراد المقاومة المصرية حتى نفدت
ذخيرتهم فكفوا عن القتال وسلموا أنفسهم، ويقال أن نابليون أُعجب بشجاعة "محمد
كريم" فأطلق صراحه وأبقاه على ما كان عليه في الإسكندرية، ولكن الرجل واصل
الدعوة إلى مواجهة الفرنسيين، الأمر الذي جعل "كليبر" حاكم الإسكندرية
العسكري يلقي القبض عليه في 20 يوليو ويرحله إلى القاهرة التي وصلها في 12أغسطس من
عام 1798، وهناك عُرض على محكمة عسكرية وجهت إليه تهمة التحريض على المقاومة
وخيانة الجمهورية الفرنسية وبالطبع فإن هذه التهم في المعتاد هو الإعدام، لكن
نابليون أوعز إلى المحقق بأن يطلب من "محمد كريم" أن يدفع مبلغ 30 ألف
ريال لخزينة الجيش الفرنسي ليفتدي نفسه.
وكان "محمد كريم" قد سبق وأن افتدى نفسه في
أول الأمر حينما أُلقى القبض عليه بالإسكندرية بالمال ولكن هذا المبلغ يبدو أنه
كبير جدًا بل إنهم صعبوا عليه الأمر بأن أمهلوه اثنتي عشرة ساعة من أجل إحضار ذلك
المبلغ، وقد حاول أعضاء الديوان العام وعلى رأسهم الشيخ "عبد الله
الشرقاوي" أن يتشفعوا له فلم يُمكن لهم، وفي صباح يوم الخميس الموافق 6
سبتمبر 1798 انطلق "محمد كريم" إلى المشايخ وإلى السيد أحمد المحروقي
وترجاهم وتداخل عليهم واستغاث وصار يقول لهم "اشتروني يا مسلمون" ولكن
استغاثاته ذهبت أدراج الرياح.
وهنا نتساءل هل هؤلاء المشايخ وفي مقدمتهم الشيخ عبد
الله الشرقاوي، وكبار التجار وعلى رأسهم أحمد المحروقي لم يكونوا يملكون المال
لافتداءه؟ بالطبع كانوا يملكون المال وغيره الكثير فهؤلاء قد ربحوا من تجاراتهم
وعملهم كمنتفعين في ظل نظام الالتزام الكثير من المال، والمحروقي كان شاهبندر
التجار في مصر وتجارته كانت رائجة، كذلك فإن السيدات زوجات كبار المماليك في مصر مثل السيدة نفسية زوجة إبراهيم بك والسيدة
فاطمة زوجة مراد بك وغيرهن من زوجات كبار المماليك كان لديهن الكثير من المال.
وقد عُثر على هذا المال فيما بعد مخبئ في منازلهن
المنتشرة في أحياء القاهرة المختلفة، فذهب كل هذا المال للفرنساوية دون مقابل إلا
تركهن في حالهن، ألم يكن من الأجدى حفظ روح هذا الرجل الذي كان لمِا عَثر عليه
الفرنسيين من أوراق له في قصر مراد بك يطلعهم فيه على أخبار الفرنسيين ويحثهم على
الجهاد والاجتهاد في حربهم ويهون عليهم أمرهم وتنقيص شأنهم أثره في غيظهم وحنقهم
عليه والحكم عليه وتخييره بين دفع هذا المبلغ الهائل أو القتل.
لم يشفع للرجل ما قام به من جهاد بماله ونفسه ضد
الفرنسيين عند نزولهم الإسكندرية، ولم يفيده محاولاته المستمرة في إثارة الثورة ضد
الفرنسيين بعد أن أطلقوا سراحه، لقد تعرض الرجل لظلم من أقرانه وأثرتهم أنفسهم رغم
أنهم كانوا مشمولون برعاية الفرنسيين وخاصة مشايخ الديوان مثل الشرقاوي والمهدي
والعريشي والفيومي وكذلك شاهبندر التجار المحروقي، والقول بأن كل إنسان كان مشغول
بنفسه ومتوقع لشيء يصيبه كما يقول الجبرتي لا يعفيهم من أنهم مشتركون في إراقة دم
هذا الرجل، الذي انقضى أجل سداده لما قرره عليه الفرنسيين، فأركبوه حمارًا محاط به
من قبل العسكر وبأيديهم السيوف ويقدمهم
الطبل يضربون عليه وشقوا به الصليبة إلى أن ذهبوا للرميلة وهناك كتفوه وربطوه
كالمصلوب وضربوا عليه بالبنادق، ثم قطعوا رأسه ورفعوها على نبوت وطافوا بها بجهات
الرميلة منادين أن هذا جزاء من يخالف الفرنسيين.
وبعد هذه الإهانة والتجريس أخذ أتباعه رأسه ودفنوها مع
جثته وانقضى أمر ذلك الوطني في يوم 6
سبتمبر 1798، وقد حفظت له الإسكندرية الجميل وقامت بتكريمه عام 1953 بأن وضعت
صورته مع صور محافظي الإسكندرية، وهو خطأ تاريخيًا كما أوضحنا في السابق، ثم ما
يرافق ذلك من إطلاق اسمه على أحد شوارع المحافظة الرئيسية وكذلك مدرسة من مدارسها
وصنع تمثال له تم وضعه في حديقة الخالدين.
لكن يبقى في النهاية أن شهيد الوطنية محمد كريم كان ضحية
الأثرة من قبل أقرانه الذين لم يؤثروه بما لديهم وكان لديهم الكثير والكثير....
من الممكن ان يكونوا خاءفين من دفع المبلغ حتى لا ينظر إليهم على أنهم متعاونين معه .. وان كان ذلك لا يعتبر عذر .. هم شركااء
ردحذفشكرًا على مرورك وردك، لكن مرحبًا بتلك التهمة التي تحمي رجل ضحى بكل ما يملك من أجل وطنه.
حذفلقد قمت بدراسة وافية عن مقتل السيد محمد كريم و لمدة تزيد عن 38 عام و أصبحت على يقين بأن سبب عدم مساعدة التجار و الأعيان و مشايخ الأزهر و زوجات أمراء المماليك و على رأسهم السيدة نفيسة البيضاء زوجة مراد بك لهدية محمد كريم سببين لا ثالث لهما ، السبب الأول و هو الظلم الذى وقع على التجار و الأعيان فى الاسكندرية عندما فرض عليهم محمد كريم الضرائب الباهظة و المكوس و الميرى ، فكان الذراع الباطشة لمراد بك.
ردحذفالسبب الثانى هو الخوف من معاودة السيد محمد كريم (فى حالة دفع الفدية) فى دعم المماليك و على رأسهم مراد بك الذى أذاق الرعية كل كل أصناف البطش و الظلم .
لقد قمت بدراسة وافية عن مقتل السيد محمد كريم و لمدة تزيد عن 38 عام و أصبحت على يقين بأن سبب عدم مساعدة التجار و الأعيان و مشايخ الأزهر و زوجات أمراء المماليك و على رأسهم السيدة نفيسة البيضاء زوجة مراد بك لدفع فدية السيد محمد كريم سببين لا ثالث لهما ، السبب الأول و هو الظلم الذى وقع على التجار و الأعيان فى الاسكندرية عندما فرض عليهم محمد كريم الضرائب الباهظة و المكوس و الميرى ، فكان الذراع الباطشة لمراد بك.
ردحذفالسبب الثانى هو الخوف من معاودة السيد محمد كريم (فى حالة دفع الفدية) فى دعم المماليك و على رأسهم مراد بك الذى أذاق الرعية كل كل أصناف البطش و الظلم .
أحسنن الله إليك، هل هذه الدراسة في كتاب منشور؟ ليتها تكون كذلك ويتاح لي الإطلاع عليه.
حذف