مصطفى كامل والتجنيد
مصطفى
كامل والتجنيد
قامة وطنية كان له دورًا كبيرًا في إحياء الحركة الوطنية
من سباتها بعد فترة انقطاع بلغت قرابة عشرة سنوات منذ الاحتلال البريطاني الذي جثم
على أرض مصر منذ عام 1882، وامتد ليشمل سودانها منذ عام 1884 والذي تأكد من خلال سحب
الجيش المصري من السودان مع الثورة المهدية وتأكد هذا الاحتلال مع ما عُرف باسم
اتفاقية الحكم الثنائي المصري البريطاني للسودان عام 1899.
ولد مصطفى كامل عام 1874 في حي الصليبة لأب يعمل في
الجيش المصري مهندسًا في سلاح الطوبجية وهو "علي محمد" وأمه كانت كذلك
إبنة لأحد الضباط المصريين فكانت نشأته في ذلك البيت أن أكسبه روحًا وطنية أججها
ذلك الوضع السياسي الذي كانت تعيشه مصر في تلك الفترة حيث الحراك الوطني المصري
والسعي إلى وضع الدستور وتشكيل مجلس نيابي، مرورًا بإقالة الخديو إسماعيل وتعيين
ابنه توفيق وقيام حركة عرابي وتدخل بريطانيا السافر والسافل الذي قضى عليها وانتهى
باحتلال البلاد والعباد.
أضحى مصطفى كامل مصدر قلق للاحتلال البريطاني خاصة من
خلال وجوده في فرنسا وتنقله بينها وبين ألمانيا وسويسرا وغيرها من الدول الأوربية
متحدثًا عن القضية المصرية ومستنهضًا الساسة الأوربيين في الوقوف إلى جانب مصر
للخلاص من ذلك الاستعمار الذي لا يهدد مصر وحدها ولكن يهدد الدول الأوربية التي
لها مصالح في حوض البحر المتوسط. ومع تمكن مصطفى كامل من اجتذاب العديد من الصحف
والساسة وعلى رأسهم "مدام جولييت" الفرنسية، وإجادته التامة للفرنسية
التي استخدمها بطلاقة في الدفاع عن قضيته، أن سعى الاحتلال البريطاني إلى طريقة
للحد من انطلاقته هذه وهجومه الذي ما يهدأ حتى يثور مرة أخرى.
لما كان مصطفى كامل من مواليد عام 1874 فإنه في عام 1896
بلغ اثنين وعشرين عامًا وبذلك أصبح في سن التجنيد ومطلوب له، وأوعزت السلطات
البريطانية في مصر إلى مجلس القرعة الخاصة بعملية التجنيد أن يرسل إلى القسم الذي
يسكن فيه مصطفى كامل بضرورة تبليغ مصطفى كامل أو أي من أفراد أهله بضرورة تسليم
نفسه للتجنيد، وإذا لم يحدث أن أبدى المذكور أي اعتراض على هذا الطلب خلال ثلاثة
أشهر من تاريخه فإنه بذلك يكون واجبًا تجنيده.
كان مصطفى كامل في تلك الفترة خارج مصر في فرنسا ولما
عاد كانت مدة الثلاثة أشهر السابقة قد انقضت وعبثًا حاول أن يجد خلاصًا من هذا
الشرك، وقدم ما يثبت من أن أهله لم يتسلموا هذا الأعلان الخاص بعملية التجنيد،
وكان هناك قانون في ذلك الوقت يُعفي حملة شهادة الحقوق والقادرين على دفع البدل من
عملية التجنيد، وبذلك تمكن مصطفى كامل من الفكاك من محاولة بريطانية بأن تجعله تحت
قبضتها وقبضة ضباطها البريطانيين في الجيش.
تعليقات
إرسال تعليق