رؤساء الوزراء في مصر
رؤساء الوزراء في مصر
أول وزارة تشكلت في مصر كانت في عهد الخديو إسماعيل (حكم
من 1863-1879) وكانت تلك الوزارة برئاسة بوغوص نوبار باشا وهو أرمني الأصل، وآخر
وزارة هي تلك الوزارة القائمة الآن برئاسة المهندس مصطفى مدبولي والتي تم تشكيلها
في شهر يونيو من عام 2018، وبين نوبار ومدبولي سوف يتم تناول الوزارات التي تم
تشكيلها وأكثر الشخصيات السياسية تكرارًا في ذلك المنصب، وذلك بعدد سبعة وتسعون
وزارة تشكلت على مدى يقارب القرن والنصف ابتداء من عام 1879، تولى فيها أربعة
وخمسون سياسي ذلك المنصب السياسي، أخذًا في الإعتبار تشكيل شخص الوزارة لأكثر من
مرة، كذلك يلاحظ أن هناك بعض من تولى المنصب لكن لم يتم اعتباره رئيسًا للوزراء
بشكل فعلي ومن هؤلاء الخديو إسماعيل، وأحمد عرابي أثناء الثورة العرابية، وكذلك
حازم الببلاوي الذي تم تكليفه بمهام رئيس للوزراء بشكل مؤقت فيما بين شهري يوليو
2013 حتى فبراير2014 وذلك خلال فترة حكم الرئاسة المؤقته للمستشار عدلي منصور.
كما سبق القول فإن نوبار باشا كان أول رئيسًا للوزراء في
مصر وذلك عام 1879، وقد تولى نوبار باشا الوزارة بعد تلك المرة الأولى مرتين
أخريتين، الأولى (أي الثانية) في عهد الخديو توفيق وظل في الحكم لمدة أربع سنوات
من يناير 1884- يونيو 1888، والثانية (أي الثالثة) في عهد الخديو عباس حلمي الثاني
(أبريل 1894- نوفمبر 1895)، وبذلك يمكن القول أن نوبار هو رئيس الوزارة الوحيد
الذي حكم في عصور ثلاثة مختلفة حيث بدأت بالجد وانتهت بالحفيد حيث تولى منصب
الخلافة للخديو إسماعيل وابنه الخديو توفيق وحفيده الخديو عباس حلمي الثاني.
ويأتي محمد شريف ذلك الرجل الوطني الذي يعد واحدًا من
أكثر الأسماء تكرارًا في تولي منصب رئاسة الوزارة حيث شكل الوزارة أربع مرات، ولكن
هذه المرات مجتمعة لا تصل إلى عامين ونصف العام، فقد شكل الوزارة للمرة الأولى
لعدة أشهر فقط في نهاية عهد إسماعيل (أبريل إلى يوليو 1879) والمرة الثانية في
بداية عهد توفيق لمدة شهرين فقط (يوليوـ أغسطس 1879)، والمرة الثالثة في ظل أحداث
الثورة العرابية لمدة نصف عام (سبتمبر 1881إلى فبراير 1882) والمرة الرابعة
والأخيرة وهي المدة الأطول من (أغسطس 1882 إلى يناير 1884) وبالتالي فإن إجمالي
مدة حكم محمد شريف باشا في منصب رئاسة الوزارة بلغ 28 شهر فقط.
في حين يأتي رئيس الوزراء مصطفى فهمي باشا كأطول رئيس
وزراء تولى هذا المنصب فقد بلغ مجموع المدة التي قضاها في هذا المنصب على مدى ثلاث
فترات بدأت في عهد توفيق باشا (مايو 1891-يناير 1892) ثم المرة الثانية في عهد
عباس حلمي الثاني (يناير 1892-يناير 1893) والمرة الثالثة في عهد عباس أيضًا
واستمرت ما بين (نوفمبر 1895- نوفبمر 1908) لمدة ثلاثة عشر عام مستمرة يضاف إليها
عام وثمانية أشهر لتصل مدة توليه هذا المنصب أربعة عشر عام وثمانية أشهر، ليأتي
بهم في مقدمة رؤساء وزراء مصر.
هذا ويأتي مصطفى النحاس باشا زعيم حزب الوفد على القمة
من حيث كونه أكثر الشخصيات السياسية التي تولت منصب رئاسة الوزارة في مصر، لكنه
يشبه إلى حد كبير محمد شريف باشا في أنه رغم تلك المرات العديدة إلا أن الفترة
الإجمالية التي قضاها ليست فترة زمنية طويلة، فعلى الرغم من أن النحاس باشا شكل
الوزارة خمس مرات مرة، اثنتان في عهد الملك أحمد فؤاد الأولى والثلاث الأخرى في
عهد الملك فاروق، وإن كانت المرة الثالثة أو الأولى في عهد الملك فاروق كان الملك
أحمد فؤاد هو الذي كلفه بتشكيل الوزارة، وقد بلغ مدة وجود النحاس باشا رئيسًا
للوزراء خلال تلك الفترات الخمس خمس سنوات فقط ويضاف عليها شهر وبضعة أيام لا
أكثر، فترة قصيرة لا تقارن بمكانة حزب الوفد وشعبيته خلال تلك الفترة الزمنية، لكن
صراع القصر ممثلًا في الملك ضد حزب الوفد وشخص النحاس باشا حرم الحزب ومصر من
استقرار سياسي في ظل حزب جماهيري قوي.
ومن المفارقات أن أطول فترة ظل فيها النحاس باشا في منصب
رئاسة الوزراء كان بضغط من الإنجليز خلال الحرب العالمية الثانية حيث استمر رئيسًا
للوزراء لمدة عامين وثمانية أشهر، والنحاس وهو زعيم أكبر حزب سياسي في مصر لم يمكث
في المنصب مثل تلك الفترة التي قضاها رئيس حزب الشعب إسماعيل صدقي وهو حزب بمسيمات
أحزاب الألفية الثالثة حزب "كرتوني" صغير للغاية، وقد استمر اسماعيل
صدقي في منصب الوزارة لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر ، وذلك رغبة من الملك فؤاد في
السيطرة على الوضع السياسي في البلاد، وقد أكمل إسماعيل صدقي السنة الرابعة في
فترة رئاسة الثانية في عهد الملك فاروق.
والنموذج المطابق للنحاس هو علي ماهر باشا فقد تولى علي
ماهر باشا المنصب أربع مرات، المرة الأولى كانت في عهد الملك فؤاد الأول واثنتان
في عهد الملك فاروق والرابعة والأخيرة في ظل حركة يوليو وفي عهد الملك الطفل فؤاد
الثاني، وبلغ مجموع فترة ولاية علي ماهر باشا لذلك المنصب سنة واحدة وأربعة أشهر
فقط كانت أطول تلك الفترات في ظل الحرب العالمية الثانية فيما بين أغسطس 1939 و
يونيو 1940.
ويلاحظ أن هناك رئيسي وزراء توليا الوزارة لفترتين
متتاليتين ويتبع أحدهما الآخر ولمدة متقاربة أربع سنوات وعدة أشهر وهما محمد سعيد
باشا الذي تولى الوزارة في عهد عباس حلمي الثاني لمدة أربع سنوات وشهران ثم في عهد
السلطان حسين كامل لمدة ستة أشهر، وكذلك حسين رشدي باشا الذي تولى الوزارة للمرة
الأولى في آخر عهد عباس حلمي الثاني حيث ظل في المنصب ثمانية أشهر ونصف الشهر
تقريبًا، ليستمر في المنصب رئيسًا للوزارة للمرة الثانية في عهد السلطان حسين كامل
الذي تولى السلطة بعد خلع الخديوي عباس حلمي الثاني من قبل الاحتلال الإنلجيزي
ليظل في المنصب لمدة أربعة سنوات وأربعة أشهر، وبذلك استمر حسين رشدي في منصب رئاسة الوزارة طوال سني الحرب
العالمية الأولى.
الآن ماذا عن أقل الشخصيات السياسية بقاءًا في منصب
رئاسة الوزارة، يأتي رئيس الوزراء نجيب الهلالي باشا كأقل وزراء مصر استمرارًا في
المنصب حيث لم يكمل الرجل يومًا في المنصب حيث استقال بعد ثماني عشرة ساعة من
توليه المنصب وذلك لقيام حركة الضباط الأحرار، فقد تولى الهلالي رئاسة الوزارة
للمرة الثانية في 22 يوليو 1952 وقد استقالته في يوم 23 يوليو 1952، وذلك لطلب
قادة الحركة حيث قام علي ماهر باشا بتشكيل وزارة جديدة، والهلالي باشا يتفوق بذلك
على حسين فخري باشا الذي بقى في المنصب يومين كاملين من 15 يناير 1892 حتى 17
يناير 1892، حيث أُجبر كذلك على تقديم استقالته بعد أن وقع صدام بين اللورد كرومر
ممثل الإنجليز في مصر والخديو عباس حلمي الثاني، وذلك لأن الخديو قد أقال رجل
الإنجليز مصطفي فهمي دون إستشارتهم، فأجبر الإنجليز الخديو على تغيير رئيس الوزراء
بآخر يرضي الطرفين فكان رياض باشا الرجل الذي تولى الوزارة لفترات ثلاث وصلت مدته
فيها لقرابة ست سنوات وقد عُرف عنه قربه للإنجليز وعداءه للحركة الوطنية والنظام
الدستوري.
كذلك لا يفوتنا الإشارة إلى أن الحاكم الذي هو رأس
الدولة في مصر قد تولى منصب رئاسة الوزارة وذلك في فترات مفصلية تاريخية، فقد تولى
الخديو إسماعيل منصب رئاسة الوزراء لمدة خمسة عشر يومًا وذلك بين فبراير ومارس
1879، كذلك تولى الخديو توفيق المنصب ما بين شهر أغسطس وسبتمبر 1879 وذلك لمدة
اربعة وثلاثون يومًا في انتظار مجئ رياض باشا ليتولى منصب الوزارة وذلك للمرة
الأولى.
وفي ظل حركة الضباط الأحرار في يوليو 1952 تولى محمد
نجيب رئاسة الوزارة ثلاث فترات المرة الأولى لمدة تسعة أشهر ونصف وذلك فيما بين
شهري سبتمبر 1952 حتى 18 يونيو 1953 وهو تاريخ إلغاء الجمهورية وإعلان الجمهورية،
ليستمر نجيب للمرة الثانية رئيسًا للوزراء لمدة ثمانية أشهر ونصف فيما بين يونيو
1953 وفبراير 1954، والمرة الثالثة لمدة شهر ونصف تقريبًا فيما بين شهري مارس
وأبريل 1954 وكان محمد نجيب هو رأس السلطة (مجازًا) في تلك الفترة باعتباره قائد حركة
الضباط الأحرار الذي أصبح القائد العام للقوات المسلحة بعد حركة يوليو، ثم رئيس
الدولة بعد إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية منذ 18 يونيو 1953.
كذلك فإن الرئيس جمال عبد الناصر تولى منصب رئاسة
الوزراء ثلاثة مرات ليأتي في المرتبة الثانية بعد مصطفى باشا فهمي، من حيث أطول
رؤساء الوزراء في المنصب حيث ظل في هذا المنصب لمدة تقترب من اثنتي عشر عام (أحد
عشرة عام وتسعة أشهر)، كانت أقصر فترات وجوده في منصب رئاسة الوزراء فيما بين
فبراير ومارس 1954 حيث تولى المنصب لمدة اثنتي عشر يومًا فقط، وأطول فترة قضاها في
المنصب كانت خلال الفترة من أبريل 1954 حتى سبتمبر 1962، ثم كانت الفترة الثالثة
والتي ظل فيها ثلاثة أعوام وثلاثة أشهر ونصف حيث توفي وهو يجمع بين منصبي الرئاسة
ورئاسة الوزراء في 28 سبتمبر 1970.
وأيضًا تولى الرئيس السادات منصب رئاسة الوزراء مرتين
الأولى لمدة عام ونصف خلال الفترة ما بين مارس 1973 حتى سبتمبر 1974 في فترة حرب
أكتوبر، والمرة الثانية لمدة قريبة من الفترة الأولى فيما بين مايو 1980 حتى تاريخ
استشهاده في 6 أكتوبر 1981، وبذلك فإن مجموع فترتي ولايته لرئاسة الوزراء تبلغ
ثلاثة الأعوام تقريبًا، كذلك فإن الرئيس مبارك تولى منصب رئاسة الوزراء في بداية
رئاسته حيث ظل في منصب رئاسة الوزارة لمدة اثنتين وثمانون يومًا فيما بين أكتوبر
1981 حتى يناير 1982.
وقبل أن أنهي هذا المقال أود الإشارة إلى الدكتور عاطف
صدقي رئيس الوزراء الثالث من حيث أطول فترة في منصب رئاسة الوزارة بعد مصطفى فهمي
باشا، وجمال عبد الناصر، حيث تولى المنصب لمدة تسع سنوات وشهر ونصف الشهر في فترة
حكم الرئيس مبارك وذلك فيما بين نوفمبر 1986 حتى يناير 1996.
تعليقات
إرسال تعليق